بابان من أبواب الجنة
من أعظم الطاعات التي تقرب العبد إلى الله
بر الوالدين وفضلهما
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" [الإسراء: 23].
إن الوالدين هما أساس وجودنا في هذه الحياة، وهما أول من منحنا الحب والرعاية دون مقابل. فضلهما علينا لا يُحصى ولا يمكن لأي كلمات أن توفي حقهما. هما السبب بعد الله في وجودنا، وكل ما بذلاه من تعب وسهر وتضحية كان بدافع الحب الصادق والرغبة في سعادتنا وراحتنا.
في هذا المقال سنتناول أهمية طاعة الوالدين وفضل برهما في حياتهما وبعد وفاتهما.
1. أهمية طاعة الوالدين
طاعة الوالدين واجبة على كل مسلم ومسلمة، وهي من أعظم الطاعات التي أمر بها الله ورسوله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد" [رواه الترمذي].
طاعة الوالدين ليست مجرد واجب، بل هي جزء لا يتجزأ من عبادة الله، حيث جعل برهما مقرونًا بعبادته.
أهمية طاعتهما:
تنفيذ وصية الله ورسوله: قال الله تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" [النساء: 36].
رد الجميل: مهما قدمنا من خدمات أو رعاية، فلن نستطيع تعويض ما بذلاه من أجلنا.
نيل رضا الله: طاعتهما سبب في رضا الله عز وجل وفتح أبواب رحمته.
2. فضل طاعة الوالدين
إن بر الوالدين من أعظم القربات وأفضل الأعمال التي تقرب العبد من الله، وله فضائل عظيمة في الدنيا والآخرة.
من فضائل طاعة الوالدين:
1. سبب لدخول الجنة: بر الوالدين هو أقرب طريق إلى الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه" [رواه الترمذي].
2. بركة العمر وزيادة الرزق: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه" [رواه البخاري].
3. غفران الذنوب: البر سبب في محو الخطايا وكسب رضا الله.
4. التوفيق في الدنيا والآخرة: طاعة الوالدين تجلب الخير والسعادة في الدارين.
5. تربية الأبناء الصالحين: من بر بوالديه، سخّر الله له أبناء يبرونه في كبره.
حديث نبوي مؤثر:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "إني أذنبت ذنبًا عظيمًا فهل لي من توبة؟
قال النبي: هل لك من أم؟
قال الرجل: لا.
قال النبي: فهل لك من خالة؟
قال: نعم.
قال: فبرّها" [رواه الترمذي].
هذا الحديث يؤكد مكانة بر الوالدين وذويهم.
3. بر الوالدين في حياتهما
بر الوالدين لا يقتصر على طاعتهما فقط، بل يشمل الإحسان إليهما في كل أوجه الحياة، سواء بالكلام أو الأفعال.
أشكال بر الوالدين في حياتهما:
1. طاعتهما في غير معصية الله: الالتزام بما يأمرانه طالما لا يخالف شرع الله.
2. خدمتهما ورعايتهما: تقديم المساعدة في شؤون حياتهما دون انتظار طلب.
3. الإحسان إليهما: بالكلام الطيب والابتسامة الدائمة وعدم رفع الصوت عليهما.
4. التواضع لهما: قال الله تعالى: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ" [الإسراء: 24].
5. تفضيلهما على النفس: تقديم حاجاتهما على راحتك الشخصية.
4. بر الوالدين بعد وفاتهما
لا يتوقف بر الوالدين بوفاتهما، بل يستمر من خلال الدعاء والعمل الصالح.
صور البر بعد الوفاة:
1. الدعاء والاستغفار لهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له" [رواه مسلم].
2. تنفيذ وصاياهما: الالتزام بما أوصيا به وعدم إهماله.
3. الصدقة الجارية: كإقامة سبيل ماء، أو التبرع للمساجد والمدارس.
4. صلة الرحم: الحفاظ على علاقاتك مع أقاربهم وأصدقائهم.
5. قضاء ديونهم: إذا كان عليهما دين أو نذر، يجب قضاؤه عنهما.
الخاتمة
بر الوالدين هو طريقك إلى الجنة، وهو عمل لا ينقطع أجره سواء في حياتهما أو بعد وفاتهما. فلنجعل هذا البر سلوكًا يوميًا في حياتنا، ولنحرص على رضا والدينا لأن فيه رضا الله عز وجل.
نسأل الله أن يجعلنا من البارين بوالدينا وأن يرزقنا رضاهم عنا في الدنيا والآخرة.
Leave a comment
Your email address will not be published. Required fields are marked *