
ويبقى الأمل
مشاعر لا توصف من الفقد والرجاء، ويُظهر أن ما نظنه مستحيلًا قد يتحقق بالإيمان والثقة بالله
الأمل بالله قوة داخلية تنبع من يقينك بأن كل ضيق له فرج، وكل صبر له جزاء، وكل بلاء يعقبه عوض من أرحم الراحمين.
هو ذلك الشعور العميق الذي لا يحتاج إلى برهان، بل يكفي أن تُبقي عليه في قلبك، مهما تعثّرت الخطى، ومهما اشتدّت الظلمات.
لا تيأس من رحمة الله، فالأمل زهرة تنمو في قلب المؤمن، ونور يُضيء طريقه كلما أظلمت الدنيا.
وبالأمل تستمر الحياة بعزيمة، وترتفع الهمم لتصل إلى كل ما تتمنّاه… فالأجمل دائمًا قادم، طالما في القلب يقين بالله.
وتأمل في القصة التالية… حجم الأمل والصبر، وكيف يكون العوض أجمل مما توقعت:
قصة حقيقية: الأب الذي انتظر ابنته 20 عامًا في محطة القطار
في أحد أحياء المدينة القديمة، وبالقرب من محطة قطارات مزدحمة، اعتاد الناس أن يروا رجلاً مسنًّا يجلس كل صباح على نفس المقعد الخشبي، منذ أكثر من عشرين عامًا.
كان هادئًا، لا يتحدث إلى أحد، يرتدي نفس المعطف الرمادي، ويبدو كمن ينتظر أحدًا ما…
الناس اعتادوا رؤيته، بعضهم ظنه مشردًا، وآخرون قالوا إنه رجل وحيد يحب مراقبة القطارات…
لكن الحقيقة كانت مختلفة تمامًا.
اسمه: عم محمود
ومنذ عقدين من الزمن، لم ينقطع عن المجيء إلى هذا المقعد.
كل من سأله عن السبب، كان يرد بجملة واحدة:
"أنا في انتظار بنتي... راحت من هنا، ولا رجعت."
بداية القصة…
منذ 20 عامًا، كانت ابنته الصغيرة "ليلى"، ذات السبعة أعوام، تلعب على رصيف المحطة، بينما والدها منشغل بشراء التذاكر.
في لحظة غفلة… التفت فلم يجدها.
أبلغ الشرطة فورًا، وبدأت عمليات البحث، لكنها لم تصل إلى نتيجة.
الكل قال إنها اختُطفت، أو ماتت، أو تم تهريبها خارج المدينة.
مرت الشهور، ثم الأعوام، لكن قلب عم محمود لم ينسَ.
رغم أنه لا يملك أي دليل، ولا خيط يقوده إليها، لكنه كان يملك شيئًا أعظم: اليقين.
كان يشعر أنها لا تزال على قيد الحياة، وستعود ذات يوم.
ومنذ ذلك اليوم، بدأ يذهب إلى المحطة كل صباح، يجلس على نفس المقعد، ويراقب وجوه المسافرين.
سخر منه البعض، تعاطف معه البعض الآخر، والبعض تركه وشأنه…
لكنه استمر، كأنّه أصبح جزءًا من المكان.
لحظة اللقاء…
وفي صباح يوم عادي… بعد مرور 20 عامًا بالضبط،
اقتربت امرأة شابة من المحطة، تمسك بيد طفلتها، وتبدو حائرة.
وقفت تتأمل وجه الرجل العجوز، ثم تقدّمت نحوه بتردد، وقالت بصوت خافت:
"عمي… اسمك محمود؟"
نظر إليها… طالت النظرات… بدأ وجهه يرتجف، ونطق بصوتٍ مرتعش:
"ليلى؟"
هزّت رأسها… ودموعها تنزل بهدوء.
كانت تحتفظ بصورة قديمة له، وأخبرها أحدهم أنها قد تجد والدها في تلك المحطة إن كانت تبحث عنه.
لقد ضاعت ليلى يومها فعلاً، وتم تبنيها في مدينة أخرى، بعد أن عجزت الجهات عن الوصول لعائلتها.
كبرت، وبدأت تسترجع ذكرياتها الضبابية، ثم قررت أن تبحث…
وقادها قلبها إلى محطة الانتظار… حيث اليقين لا يموت.
نهاية غير متوقعة… لكنها حقيقية
بكى عم محمود بحرقة، كما لم يبكِ من قبل، وضمها إلى صدره كمن يحتضن عمرًا بأكمله، وقال:
"كنت عارف إنك راجعة… قلبي ما كذبنيش."
ومنذ ذلك اليوم… تغيّر مشهد المحطة:
المقعد لم يعد فارغًا…
والعجوز لم يعد وحيدًا…
العبرة:
قد يظن البعض أن الانتظار نوع من الجنون…
لكن الحقيقة أن هناك قلوبًا تؤمن بعمق، وتبقى صامدة رغم قسوة الزمن.
ليس كل من جلس ينتظر، ضائعًا…
فمنهم من يؤمن أن الحب لا يضيع…
وأن اللقاء لا بد أن يأتي… ولو بعد عمر كامل.
Leave a comment
Your email address will not be published. Required fields are marked *