`
ماهي المنحة الربانية؟

ماهي المنحة الربانية؟

مطلب أساسيً في دعاء الصالحين، ومفتاحًا للهداية والسداد في الحياة

 


ما هو الرُشد؟

الرُشد ليس مجرد كلمة تُتلى في دعاء أو تُذكر في قصة، بل هو منحة ربانية، ونعمة عظيمة تُختصر بها الطرق، وتُهدى بها القلوب، وتُوجّه بها الخطوات نحو الخير والسداد.

الرشد كلمة بسيطة، لكنها عظيمة في معناها. ورد ذكرها في القرآن الكريم 19 مرة، حيث جاءت بصيغة المضارع والمصدر والصفة.
الرشد أمر يتمناه الجميع ويسعون إلى تحقيقه والوصول إليه، له جانب مرتبط بالأخذ بالأسباب

الرُشد هو:

إصابة وجه الحقيقة

السداد في القول والعمل

السير في الطريق الصحيح، وإن طال

البصيرة التي تنير الدرب، والوعي الذي يُجنّب الزلل

فإذا أرشدك الله، فقد أنعم عليك بنعمة عظيمة، وبوركت خطواتك، وكنت على جادة الصواب في الدنيا، موصولًا برحمته في الآخرة.


الرُشد في القرآن الكريم

تأمّل كيف تحدث القرآن عن الرُشد، وكيف جعل الله طلب الرُشد دليلًا على الفقه في الدين، والوعي في الدعاء.

1. دعاء أصحاب الكهف
عندما اشتدّ عليهم البلاء، وطوردوا في الأرض من أجل إيمانهم، لم يطلبوا النصر، ولا الغلبة، ولا التمكين، بل طلبوا شيئًا أعظم:

(رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)
لقد عرفوا أن الرُشد هو مفتاح النصر، وأن من رُزق الرُشد، رُزق الهداية والتوفيق، ووُجّه نحو الخير حتى في أحلك الظروف.

2. دعاء الجن عندما سمعوا القرآن لأول مرة
كان أول ما لفت انتباههم من عظمة القرآن أنه يهدي إلى الرُشد، فقالوا:

(إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ)
فآمنوا به فورًا، لأن الرُشد هو طريق الهداية إلى الله، وطريق النجاة من الضلال.

IMG-20250419-WA0001

3. في آية الدعاء
عندما تحدث الله عن قربه من عباده واستجابته لهم، ختم الآية بقوله:

(فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
ليكون الهدف النهائي من الإيمان والاستجابة: أن نرشد. أن نصل إلى الحقيقة، إلى الصواب، إلى الخير.


أهمية الرُشد في حياة الإنسان

الرُشد لا يعني فقط أن تعرف، بل أن تُوفّق لما هو خير، وأن تُلهم الصواب، وأن تُعان على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح.

فبالرُشد:

تختصر كثيرًا من المراحل

وتُوفَّق في اختياراتك

وتتجنّب المعاناة التي تنشأ من التخبّط

وتبلغ الغايات العظيمة دون أن تضيع في الطرق الملتوية


دعاء الأنبياء والصالحين بالرُشد

موسى عليه السلام عندما التقى العبد الصالح (الذي منّ الله عليه بالعلم والحكمة)، لم يطلب منه علمًا كثيرًا، ولا قدرات خارقة، بل طلب شيئًا واحدًا:

(هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)
فهو يعلم أن الرُشد إذا اجتمع مع الإيمان، فقد حُزتَ خير الدنيا والآخرة.


دعاء مُلهم ووصية قرآنية

الله تعالى يعلمنا أن نُكثر من دعاء مهم، عظيم، يجمع الحكمة والخير:

(وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا)
فقد يكون أمامك أكثر من طريق، وأكثر من قرار، ولكن ليس كل ما هو مقبول هو الأقوم، فادعُ الله أن يُرشدك إلى الأقرب إلى الحق، والأقرب إلى رضاه.


خاتمة: دعاء جامع

اللهم يا وليّ التوفيق، ويا هادي الضال، ويا من بيده مقادير الأمور،
هيّئ لنا من أمرنا رَشَدًا
واجعلنا من الذين وُفّقوا إلى صراطك المستقيم، وثبّتنا على الحق، وأعنّا على السير في طريقك حتى نلقاك، راضين مرضيين.


Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site is protected by reCAPTCHA and the Google سياسة الخصوصية and شروط الخدمة apply.