`
التجارة الرابحة

التجارة الرابحة

التجارة الرابحة مع الله من خلال الصدقة والعمل الخيري. نعرض قصة رجل تقيّ حول فكرة تحويل مشروع صغير إلى وسيلة لخدمة الفقراء والمحتاجين في قريته،

 

التجارة الرابحة ليست كغيرها من التجارات، إنها تجارة مع الله سبحانه وتعالى، تجارة تنطوي على صدق النية والعمل الصالح، وأرباحها لا تقتصر على الدنيا فقط، بل تمتد إلى الآخرة. من أعظم وأربح الأعمال أن يتصدق الإنسان على الفقراء والمساكين في خفاء، فالله يبارك في الرزق ويضاعفه لمن أنفق في سبيله.

قصة ملهمة لرجل تاجر مع الله ورفع الله شأنه

يحكى عن رجل تقيّ عاش في قرية صغيرة تعاني الفقر والاحتياج. لم يكن الرجل مشهورًا أو متحدثًا بليغًا، لكنه اختار طريق الخير ليترك أثرًا خالدًا. تخصص في مجال الزراعة بحكم بيئته الريفية، وتخرج من كلية زراعية، لكنه أدرك أن العلم وحده لا يكفي للنهوض بقرية يعيش أهلها تحت وطأة الحاجة.

بداية القصة: مشروع صغير بنية عظيمة

قرر هذا الرجل التعاون مع تسعة أفراد من قريته لبدء مشروع لتربية الدواجن. جمع كل واحد منهم 200 ريال بصعوبة شديدة، لكنهم احتاجوا لشريك عاشر لإكمال المبلغ المطلوب وهو 2000 ريال. وعندما لم يجدوا الشريك، اقترح الرجل فكرة جريئة: "لنجعل الله شريكنا العاشر ونتصدق بعُشر الأرباح للفقراء والمحتاجين". وافق الجميع على الفكرة بحماس.

البركة تتجلى في العمل

الدورة الأولى: حقق المشروع أرباحًا غير مسبوقة فاقت كل التوقعات.

الدورة الثانية: زادت ثقة الشركاء بالله وقرروا رفع نصيب الشريك العاشر إلى 20%.

عامًا بعد عام، كان نصيب الله من الأرباح يزداد حتى بلغ 50%.

 

ثمار التجارة مع الله

لم تتوقف البركات عند حدود المشروع؛ بل امتدت لتشمل المجتمع بأكمله. بفضل الأرباح المخصصة لله، تحولت القرية إلى نموذج يُحتذى به:

1. مشاريع تعليمية:

إنشاء حضانة لتحفيظ القرآن الكريم.

بناء معاهد دينية ومدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية.

تأسيس كليات للشريعة والقانون والتجارة وأصول الدين والتربية.

 

2. خدمات اجتماعية:

إنشاء بيت مال للمسلمين لمساعدة الفقراء والأيتام.

تجهيز الشباب للزواج وتوفير فرص عمل تغنيهم عن السؤال.

 

3. تحسين البنية التحتية:

بناء محطة قطار لتسهيل حركة الطلاب والمواطنين.

توفير تذاكر مجانية للطلاب وتوزيع خضروات كهدايا لأهل القرية.

 

4. العمل الخيري المستدام:

تقديم إفطار جماعي في رمضان.

تجهيز الأرامل والأيتام بالملابس والطعام.

 

توسيع نطاق الخير

لم تتوقف جهود الرجل عند قريته، بل انتقلت إلى القرى المجاورة، حيث أسس بيوت مال وأطلق مشاريع خيرية مستدامة. كانت رؤيته تتجاوز تقديم الصدقات العينية إلى تمكين المحتاجين من العمل والإنتاج.

النهاية العظيمة: جنازة بأثر خالد

فارق هذا الرجل الحياة في عام 2016 عن عمر يناهز السبعين عامًا، بعد أن قضى حياته في خدمة الناس والتجارة مع الله. مشى في جنازته أكثر من نصف مليون إنسان، يدعون له بالرحمة والمغفرة، في مشهد يعكس عظمة ما قدمه من أعمال خيّرة.

دروس مستفادة:

1. الصدقة لا تنقص المال: كما قال النبي ﷺ: “ما نقص مال عبدٍ من صدقة.”

 

2. التجارة مع الله مضمونة الربح: قال الله تعالى:

"وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" (سبأ:39).

 

3. بركة العمل الجماعي: اتحاد القلوب والإخلاص لله يحقق المعجزات.

 

خاتمة: دعوة للعمل

لنستلهم من هذه القصة ونسعى لنجعل الخير تجارة حياتنا. التجارة مع الله ليست مجرد عمل خيري، بل هي استثمار في حياة أفضل، لنا ولمن حولنا. فلنبادر بالتصدق بما نستطيع، سرًا وعلانية، ولنثق بأن الله يبارك في الرزق ويضاعف الأجر.

اللهم وفقنا لطاعتك، واجعلنا من عبادك المتصدقين المخلصين، آمين.

 

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site is protected by reCAPTCHA and the Google سياسة الخصوصية and شروط الخدمة apply.