`
أمي ستعود قريبا

أمي ستعود قريبا

قصة إنسانية مؤثرة تحكي عن معاناة فتاة نشأت في بيئة قاسية مليئة بالعنف والإهمال

أمي ستعود قريبًا

تعنيف المرأة جرم عظيم

لا يمكن إنكار أن تعنيف المرأة جريمة إنسانية وأخلاقية، تهدم كيانها وتهدد استقرار المجتمعات. فهي المخلوق الذي كرمه الله وأوصى به رسول الله ﷺ خيرًا، وللأسف لا يقتصر أثر التعنيف على المرأة فقط، بل يمتد إلى الأجيال القادمة، فتتشكل دائرة من الآلام والمعاناة المستمرة. اليوم سنسرد لكم قصة حقيقية تقشعر لها الأبدان، وقعت أحداثها في مجتمعنا.

بداية الحكاية المؤلمة

تبدأ صاحبة القصة روايتها قائلة:

"منذ أن وعيت على الدنيا، لم أعرف من أنا حقًا. كنت أعيش مع امرأة خبيثة قاسية القلب، أطلقت عليها اسم أمي، ومعها ابنها الذي كان يُفترض أن يكون أخي. لكن طوال الوقت كنت ألاحظ الفرق الشاسع بين معاملتها لي ومعاملتها له.

كانت تطلب مني الخروج في أوقات متأخرة من الليل لشراء مستلزماتها مثل الفحم والمعسل، بينما تُبقي ابنها في المنزل معزّزًا مكرّمًا. لم تتوقف عند هذا الحد، بل كانت تضربني بعنف وتحرّض ابنها على الإساءة لي. أتذكر أنها في إحدى المرات كادت تكسر سني من شدة ضربها. كنت أتساءل دائمًا: لماذا تعاملني بهذه القسوة؟ ولماذا تخبر الجميع أنني ابنة أختها وليست ابنتها؟ وعندما كنت أسألها عن السبب، كانت ترد: “لكي لا يحسدونا.”

كبرت وأنا أعيش في هذه الدوامة، مليئة بأسئلة لا تجد لها إجابة: هل هذه المرأة أمي حقًا؟ وإذا كانت كذلك، لماذا تفرق بيني وبين أخي في كل شيء؟

لحظات من الظلم والحرمان

مرت الأيام وأنا أكابد الحرمان والقسوة. لم يكن لدي أي شهادة ميلاد أو صور طفولة تثبت هويتي. عندما كنت أسألها عن هذه الأشياء، كانت تتهرب، مدعية أنها ضاعت. شعرت أنني أعيش في عالم مجهول، بلا جذور أو أمان.

الجار الطيب

في يوم من الأيام، لاحظ جارنا الطيب ما أعانيه من قسوة وظلم. كان يراني أخرج في الليل وأتعرض للإهانة والضرب. شعر برحمة كبيرة تجاهي وقرر أن يأخذني إلى منزله ليحميني. ولكن عندما علمت أمي بما حدث، أبلغت السلطات مدعية أنه اختطفني.

عندما سألوني عما إذا كان قد اختطفني حقًا، قلت لهم الحقيقة: "لا، لم يختطفني، بل أشفق علي وعاملني برحمة." ولكن رغم ذلك، لم يتغير شيء.

دخول دار الأمل

بعد تلك الحادثة، أخذتني الدولة إلى دار الأمل لرعاية الفتيات. كنت في الثانية عشرة من عمري آنذاك، وكنت أشعر بخوف شديد في البداية. لكن مع مرور الوقت، بدأت أتكيف مع الحياة في الدار، ووجدت بعض الطمأنينة بين الأنشطة والدراسة. ومع ذلك، لم يتوقف تفكيري: من أنا؟ ومن هي أمي؟

ظهور خيط الأمل

بعد ثماني سنوات من إقامتي في الدار، ظهرت امرأة ادعت أنها قريبة من أمي. أخبرتنا أن أمي مريضة بالسرطان وترقد في أحد المستشفيات. عندما اتصلنا بها، رفضت التحدث، مدعية أنها متعبة جدًا. وبعد فترة قصيرة، توفيت أمي المزعومة، دون أن نعرف أي تفاصيل عن هويتي الحقيقية.

الرحلة للبحث عن الحقيقة

قررنا الاستمرار في البحث، وعندما وصلنا إلى إحدى الأسر البعيدة، فوجئنا بسيدة تشبهني بشكل كبير. عندما سألتها عن ماضيها، انهارت بالبكاء واعترفت بأنها فقدت ابنتها منذ 23 عامًا. طلبت أن تراني شخصيًا للتأكد.

اللقاء المنتظر

عدت إلى الدار وأنا أحمل مزيجًا من الأمل والخوف. وعندما عدنا إلى تلك الأسرة ومعي مديرة الدار، كان المشهد مؤثرًا للغاية. عندما رأتني السيدة، احتضنتني بقوة وانفجرت بالبكاء، قائلة: “أنتِ ابنتي!”

كشف الحقيقة

روت لي أمي الحقيقية قصتها المؤلمة. كانت تعيش في بيئة قاسية مع والدها وزوجة أبيها، وتعرضت للضرب والإهانة. وعندما تزوجت وأنجبتني، توفي والدي، واضطرت للعيش مع والدها من جديد. بسبب الظروف، تخلت عني لصديقتها، التي وعدتها برعايتي. لكنها اختفت فجأة وأخذتني معها.

ختام القصة

وأخيرًا، وجدت أمي وعرفت حقيقتي. لكن الثمن كان باهظًا: سنوات طويلة من الحرمان والقسوة، قضيتها بعيدة عن حضن أمي.

هذه القصة درس لكل من تسوّل له نفسه تعنيف المرأة أو التهاون بحقوق الأطفال. فالقسوة قد تولّد سلسلة من المآسي لا تنتهي. ليكن كل فرد منا يدًا للخير ورمزًا للرحمة في مجتمعنا

وليتق الله كل أب في فلذة كبده ولتتق الله كل زوجة أب في أبناء زوجها.  

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site is protected by reCAPTCHA and the Google سياسة الخصوصية and شروط الخدمة apply.