أخطاء أبوية تؤدي إلى تفاقم الغيرة بين الأبناء وكيفية علاجها

الغيرة بين الأخوة تعدّ واحدة من أكثر المشكلات شيوعاً داخل الأسرة، وهي حالة وجدانية نفسية وسلوكية سلبية يمكن أن تثير التوتر والقلق في العلاقات الأسرية. إذا لم يتم التعامل معها بحكمة من قِبل الوالدين، قد تتفاقم لتتحول إلى حقد وحسد، مما يهدد استقرار الأسرة ويؤدي إلى نشوب الشجارات بين الأبناء لأبسط الأسباب. في هذا المقال، سنتناول الموضوع بشكل شامل، بما في ذلك:

1. متى تبدأ الغيرة؟

2. أسباب الغيرة بين الأخوة.

3. طرق علاج الغيرة بين الأخوة.

أولاً: متى تبدأ الغيرة؟

الغيرة غريزة طبيعية يولد بها الإنسان وتبدأ في الظهور منذ الطفولة، غالباً مع ولادة الطفل الثاني. الطفل البكر يشعر بأنه يمتلك اهتمام والديه بالكامل، ومن حقه ذلك لأنه اعتاد على هذا الشعور منذ ولادته. ولكن بمجرد قدوم مولود جديد، يشعر الطفل البكر بالخوف من فقدان مكانته أو نقص الحب والاهتمام المخصص له.

أكثر الأطفال عرضة للغيرة هم:

الطفل المدلل الذي اعتاد أن تُلبى جميع رغباته.

الطفل الذي لم يتم تعويده على الالتزام بقواعد محددة.

عندما يربي الوالدان الطفل الأول بشكل متوازن، ويضعان له قوانين تحكم تصرفاته منذ البداية، يسهل تقبله للمولود الجديد. يجب أن يشعر الطفل الأكبر بأن القوانين التي يطبقها والديه ليست مرتبطة بقدوم المولود الجديد، بل هي استمرار لما اعتاد عليه.

ثانياً: أسباب الغيرة بين الأخوة

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى نشوء الغيرة بين الأطفال، ومن أبرزها:

1. الخوف من فقدان الحب والاهتمام:

يشعر الطفل الأكبر أن حب والديه انتقل إلى المولود الجديد.

2. الإهمال:

تركيز الوالدين على المولود الجديد وإهمال الطفل الأول.

3. المعاملة غير المتساوية:

التمييز بين الأخوة في الاهتمام، الهدايا، أو التعامل.

4. المقارنة المستمرة:

ذكر إيجابيات وسلبيات كل طفل أمام الآخر يولد الغيرة الشديدة.

5. التبعية المفرطة للأم:

عندما يعتمد الطفل الأكبر على أمه بشكل مفرط، يشعر بالتهديد عند قدوم طفل جديد.

6. الإجبار على المشاركة:

إجبار الطفل الأكبر على مشاركة ألعابه وملابسه مع أخيه الصغير.

7. عدم الإنصات للطرفين أثناء المشكلات:

الانحياز لطفل معين يزيد من حدة الغيرة.

8. التفرقة في القدرات الجسدية أو المظهر:

الحديث عن فرق البنية أو اللون بين الأطفال يولد الشعور بالنقص.

9. التقليل من قيمة شخصية الطفل:

عبارات مثل "لماذا لست مثل أخيك؟" تضع الطفل في مقارنة دائمة، ما يزيد من شعوره بعدم الكفاءة.

10. قسوة الوالدين:

المعاملة القاسية أو البخل في تلبية احتياجات الأبناء يخلق شعوراً بعدم الأمان.

ثالثاً: علاج الغيرة بين الأخوة

يمكن للوالدين علاج الغيرة بين الأبناء إذا بدأوا مبكراً في التعامل مع المشكلة. إليك بعض الخطوات المهمة:

1. التمهيد للمولود الجديد:

تحدثوا مع الطفل الأكبر عن قدوم أخيه الجديد بطريقة إيجابية، مثل القول:

“سيكون لديك أخ يساعدك ويقف إلى جانبك.”

استخدموا لغة التشجيع وأظهروا ثقتكم بقدرة الطفل الأكبر على العناية بأخيه.

2. تعزيز الشعور بالحب والمساواة:

استمروا في منح الطفل الأكبر الحنان والاهتمام الذي اعتاد عليه.

عند ولادة الطفل الجديد، اشتروا للطفل الأكبر هدية وأخبروه أنها من أخيه.

3. تجنب المقارنة:

لا تقولوا: "لماذا لست مثل أخيك؟" بل استخدموا عبارات تشجيعية مثل:

“أنا واثق أنك تستطيع فعل كذا لأنك مميز.”

4. التعامل بحكمة أثناء الشجارات:

استمعوا للطرفين بعناية واحرصوا على حل المشكلة فوراً.

أظهروا للأطفال أنكم تحترمون آراءهم وتتعاملون معهم بشكل عادل.

5. تعزيز الاستقلالية:

علموا الطفل الأكبر الاهتمام بنفسه مثل ترتيب غرفته أو تناول طعامه.

شجعوه على تحمل بعض المسؤوليات الصغيرة بطريقة محفزة.

6. إشراك الطفل الأكبر في رعاية أخيه:

اجعلوا الطفل الأكبر يشارك في رعاية أخيه، مثل جلب الحفاضات أو المساعدة في اللعب، لكن دون إجبار.

7. التركيز على الإيجابيات:

امتدحوا الطفل الأكبر على أخلاقه وحبه لأخيه.

تحدثوا عن مزاياه دون التقليل من أخيه الأصغر.

8. الحذر من التمييز:

وزعوا الاهتمام والهدايا بالتساوي بين الأخوة.

لا تظهروا تفضيل أحد الأطفال بشكل واضح.

9. استخدام الحوار الإيجابي:

تحدثوا عن مزايا وجود أخوة في الحياة وكيف أن الحب بينهم يخلق قوة وسعادة.

الخلاصة

الغيرة بين الأخوة تنشأ غالباً بسبب التمييز والتفرقة من قِبل الوالدين. إذا تعامل الوالدان مع الموقف بحكمة وعدل منذ البداية، يمكنهم زرع الحب والاحترام بين أطفالهم.

نسأل الله أن يصلح أبناءنا، ويجعلهم سنداً لبعضهم، ويكتب لهم النجاح في الدنيا والآخرة.