تمثلت بأامي
قصة واقعية مفعمة بالتشويق والإثارة
تمثّلت بأمي: قصة ليلة شتوية وبناء جامع العوز
أنا شاب أعيش مع والدتي في قرية هادئة وجميلة، نعتمد في حياتنا على الزراعة ورعي الأغنام. كانت حياتنا بسيطة لكنها مليئة بالتحديات. وفي إحدى الليالي الباردة من فصل الشتاء، وقعت حادثة غريبة أثّرت في حياتي وغيرت المنطقة بأكملها.
البداية: ليلة الشتاء الغامضة
في تلك الليلة، كنت أقوم بحراسة مزرعتنا التي نعتمد عليها في معيشتنا. الجو كان بارداً والليل مظلماً، لكنني كنت أقوم بواجبي بحماس، متأملاً في السماء الصافية وهدوء الليل. عندما شعرت بالجوع، قررت الذهاب إلى المنزل لتناول العشاء. كنت متعباً وجائعاً للغاية، فهرعت إلى البيت.
عندما وصلت، ناديت والدتي بصوت مرتفع: "أمي! أمي! أين العشاء؟ أنا جائع جداً!" سمعت صوتها المألوف يرد من الداخل: "بقي القليل يا بني، انتظر قليلاً." كنت على عجلة من أمري؛ فالمزرعة كانت بلا حراسة، لكنني حاولت أن أتماسك وانتظرت قليلاً.
الغضب والخروج من المنزل
مرت دقائق قليلة ولم يكن العشاء جاهزاً. بدأت أتوتر ويزداد غضبي، فخرجت من المنزل وأنا في قمة انفعالي وعدت إلى المزرعة. كنت غاضباً جداً، أفكر في أن الوقت يمرّ وأنني لا أستطيع ترك المزرعة دون حراسة لفترة طويلة.
بعد وقت قصير من عودتي، سمعت صوتاً ينادي باسمي: "يا بني... يا بني..." كان الصوت يشبه تماماً صوت أمي! شعرت بالدهشة والخوف معاً. كيف لأمي أن تأتي إلى هنا بهذه السرعة؟ حاولت أن أتماسك، وخرجت من غرفة الحراسة في المزرعة لأرى ما يجري.
المواجهة مع "أمي"
رأيت امرأة تقف أمامي. كانت تبدو تماماً كأمي. نفس الملامح، نفس الصوت، بل حتى نفس الابتسامة! حملت في يدها طبقاً من الطعام وقالت: "أحضرت لك العشاء يا بني." شعرت بالخوف والريبة. كيف لها أن تكون هنا بهذه السرعة؟ وكيف جهزت الطعام في هذا الوقت القصير؟
كنت مذهولاً وأحاول التفكير بهدوء. شيء ما كان غير طبيعي. رغم الظلام والإضاءة الخافتة، بدأت ألاحظ بعض التفاصيل. هناك شيء غريب. أمي دائماً تذكرني بالبسملة قبل تناول الطعام، لكنها لم تفعل ذلك هذه المرة.
في تلك اللحظة تذكرت قصصاً سمعتها من كبار السن في قريتنا عن الجن الذين يمكنهم التمثل بالبشر. أدركت أن هذه المرأة ليست أمي.
الخطة للهرب
قررت أن أختبرها وأجد طريقة للفرار. قلت لها بحزم: "أمي، أسمع صوتاً غريباً في المزرعة، قد يكون لصاً. ابقي هنا، أمسكي بهذا الحبل بقوة حتى أعود. سأذهب لأتفقد الوضع."
ناولتها الحبل وخرجت بسرعة، ثم ربطت الحبل بشجرة كبيرة في المزرعة. كنت خائفاً وأشعر أنني في سباق مع الزمن. بدأت أركض بأقصى ما لديّ متجهاً نحو المنزل.
المطاردة المرعبة
الطريق إلى المنزل كان مظلماً وطويلاً، والبرد قارس. بينما كنت أجري، التفت ورائي لأرى إن كانت قد لحقت بي. في البداية لم أرَ شيئاً، لكن فجأة رأيتها تجري خلفي بسرعة هائلة. شعرت بالرعب يجتاحني. كانت أسرع مني بكثير، وكأنها تطير فوق الأرض.
أقدامي كانت تتعثر من شدة الخوف والإرهاق. حاولت النهوض لكني شعرت أن قواي تخور. في لحظة يأس صرخت بأعلى صوتي: "يا عوزااااااااااه!"
النجاة وبناء المسجد
كان في القرية كلاب حراسة، وعندما سمعت صرختي بدأت تنبح بصوت عالٍ وهرعت نحو المكان. عندها توقفت "الجنية" عن ملاحقتي وهربت.
سجدت لله شكراً وحمداً على نجاتي، وقررت أنني لن أنسى هذه اللحظة أبداً. نذرت أن أبني مسجداً في المكان الذي تعثرت فيه وسميت المسجد "جامع العوز" تيمناً بالكلمة التي استغثت بها.
العبرة من القصة
تعلمت من هذه التجربة أن الغضب قد يفتح علينا أبواباً للشر، وأن ذكر الله هو الحصن الذي يحمي الإنسان في لحظات الخوف والضيق. كما أن قصص الأجداد التي كنت أسمعها لم تكن مجرد حكايات بل دروس مليئة بالعبر.
تذكروا دائماً: اذكروا الله في كل وقت وحين، واحرصوا على التحصن بالأذكار، خاصة في أوقات الغضب والحزن.
Leave a comment
Your email address will not be published. Required fields are marked *