لن ينفع الندم؟
أهمية الالتزام بأحكام الله وشرعه
التزام الشرع خيرٌ من التحايل عليه
الحياة مليئة بالعبر التي نتعلمها يومًا بعد يوم، وقد شرّع الله لنا أحكامًا وقوانين في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، تهدف إلى تنظيم حياتنا وجلب الخير لنا في الدنيا والآخرة. ورغم وضوح هذه التشريعات وأهميتها، إلا أن بعض الناس يتجاوزونها، معتقدين أنهم أدرى بمصلحتهم من الله جل جلاله. هذه القصة الواقعية تسلط الضوء على عواقب التلاعب بشرع الله، وتوضح كيف أن اتباع أحكامه هو الخير الحقيقي، حتى لو لم ندرك ذلك في البداية.
قصة واقعية تحمل عبرة
كان هناك امرأة متزوجة ولديها ابنتان. بحسب الشرع، يُقسم الميراث بحيث تحصل البنات على نصيبهن الشرعي، بينما يُوزع الباقي على العُصبة من الذكور، مثل الأعمام أو الإخوة. لكن هذه المرأة لم تقتنع بحكم الله، وخططت لتحرم العصبة من الميراث.
أقنعت الأم زوجها بأن يكتب جميع ممتلكاته لبناته بعقود موثقة، ظنًا منها أن هذا التخطيط سيضمن لهن حياة مرفهة ومستقبلًا آمنًا. وبالفعل، تم تنفيذ هذا الأمر، ولكن الأيام أثبتت عكس ما خططت له.
ما الذي حدث؟
مرت الأيام، وتوفيت إحدى الابنتين، وهي متزوجة ولديها طفل صغير، بينما كان والدها لا يزال حيًا. ووفقًا للشريعة، فإن هذا الطفل لا يرث من جده، لأن والدته توفيت قبله.
أما الابنة الثانية، التي كانت مخطوبة وتستعد للزواج، فقد وافتها المنية فجأة، تاركة وراءها والدًا حزينًا وأمًا مفجوعة. لم تمضِ فترة طويلة حتى توفي الأب هو الآخر، لتصبح الأم وحيدة، تعيش صدمة فقدان زوجها وابنتيها.
الحكمة من شرع الله
لو أن هذه الأم تركت الأمور تمضي وفق شرع الله، لكان للعُصبة نصيب في الميراث، ولربما توطدت العلاقات بين البنات وأعمامهن، مما كان سيؤدي إلى زيادة الدعم والحماية لهن. ولكن ما حدث كان على عكس ذلك تمامًا، إذ أدى التلاعب إلى نتائج مؤلمة ومأساوية، وأثبتت الأيام أن حكمة الله تفوق كل تخطيط بشري.
إن الطمع، كما يقولون، لا دين له، وهو طريق إلى الهلاك. من يسعى للتحايل على الشرع قد يحصل على ما يريد في البداية، لكنه سيدرك في النهاية أن الخير كله في اتباع أوامر الله والرضا بحكمه.
دروس وعبر
1. التوكل على الله:
علينا أن نؤمن بأن الله أرحم بنا من أنفسنا، وأن ما شرعه هو الخير المطلق، حتى لو بدا لنا غير ذلك.
2. الالتزام بالشرع يجلب الطمأنينة:
قال الله تعالى:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ (سورة النحل).
الالتزام بشرع الله يمنحنا حياة طيبة مليئة بالبركة والطمأنينة، بينما يؤدي التلاعب إلى الشقاء.
3. عدم الاستعجال في الحكم على الأمور:
علم الإنسان محدود، ونظرته قاصرة. ما نظنه خيرًا قد يحمل في طياته شرًا، والعكس صحيح.
4. تحذير من الحيل الشرعية:
يقول الإمام محمد بن الحسن، تلميذ أبي حنيفة -رحمهما الله-:
“ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.”
5. الرضا بقضاء الله:
من أعظم أسباب السعادة في الدنيا والآخرة هو الرضا بما قسمه الله لنا، كما قال تعالى:
﴿يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ﴾ (سورة الأعراف).
ختامًا
على المسلم أن يضع ثقته في الله ويسير على نهجه دون تحايل أو تلاعب. فالخير كل الخير في تطبيق شرع الله كما أنزل، والشر كل الشر في الانحراف عنه. ولنحذر من الطمع الذي يفسد النفوس، ولنتذكر أن الله هو أكرم الأكرمين، يعطي من يشاء كيفما يشاء.
فلنرضَ بما قسمه الله، ولنتوكل عليه، فهو وحده يعلم الخير لنا، ويدبر الأمور بحكمة وإحسان.
Leave a comment
Your email address will not be published. Required fields are marked *