بين الحداثة وثوابت الأسلام

العلاقة بين الإنفتاح الإجتماعي وثوابت الأسلام في ظل التطورات المعاصرة

Sep 4, 2024 - 07:31
 0  23
بين الحداثة وثوابت الأسلام

             بين الحداثة وثوابت الإسلام

في ظل التطورات التي يشهدها العالم اليوم، يعتبر زمن الانفتاح مرحلة محورية في حياة المجتمعات الإنسانية إذا كان لايخالف الشريعه الإسلامية والعادات والتقاليد . الانفتاح الاجتماعي يشير إلى تلك التحولات التي تشمل تقبل الأفكار الجديدة، التواصل مع الثقافات المختلفة، والانخراط في أساليب حياة جديدة. هذه التحولات لا تقتصر على مجالات الاقتصاد أو السياسة فحسب، بل تمتد إلى عمق الحياة الاجتماعية للأفراد، وهو ما يثير تساؤلات حول كيفية توافق أو تضارب هذه المتغيرات مع تعاليم الدين الإسلامي.

1___ الأنفتاح الإجتماعي مفهومه وأبعاده

يتمحور الانفتاح الاجتماعي حول تقبل التنوع، واحترام الآخر المختلف، سواء كان ذلك في الأفكار، الأساليب المعيشية، أو العادات والتقاليد. مع تزايد التواصل العالمي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، باتت المجتمعات أكثر تعرضًا للثقافات الأجنبية والتأثيرات الجديدة. هذا الانفتاح قد يشمل جوانب عدة، مثل اللباس، الترفيه، العلاقات الاجتماعية، وأدوار الجنسين. يجب علينا الأخذ بما ينفعنا ولا يؤثر على ديننا 

إضافة إلى ذلك، يرافق الانفتاح الاجتماعي تغيير في السلوكيات والعادات، حيث باتت المجتمعات الحديثة تتبنى المزيد من الحرية الشخصية في ما يتعلق بالاختيارات الفردية، سواء كانت تلك الاختيارات مرتبطة بالحياة الشخصية أو العلاقات الاجتماعية. 

2___ الأنفتاح الإجتماعي وتعاليم الدين الإسلامي

الدين الإسلامي هو دين شامل، يتضمن توجيهات دقيقة حول جميع جوانب الحياة بما في ذلك الجوانب الاجتماعية. يعزز الإسلام مجموعة من القيم التي تساهم في بناء مجتمع متماسك ومستقر، مثل الحياء، العدالة، الرحمة، التعاون، وحفظ الحقوق. كما أن الشريعة الإسلامية تهتم بتنظيم العلاقات بين الأفراد على أسس الأخلاق المحمدية وإتباعها وكذلك والاحترام المتبادل.

ومن بين القضايا التي تتناولها تعاليم الدين الإسلامي فيما يتعلق بالحياة الاجتماعية:

— اللباس.

يضع الإسلام قواعد واضحة للباس، خاصة فيما يتعلق بالعفة والاحتشام، في حين أن الانفتاح الاجتماعي قد يشجع على اختيارات أكثر تحررًا وغير مقيدة بالعادات أو القيم الدينية.

  يجب أن يفهم الجميع أن الأنفتاح ليس بتقليد الغرب .

— العلاقات الاجتماعية:

 في الإسلام، هناك ضوابط دقيقة للعلاقات بين الرجال والنساء، حيث يدعو الدين إلى تنظيم هذه العلاقات على أساس من الاحترام والالتزام بتعاليم العفة والزواج الشرعي. بينما في المجتمعات المنفتحة، قد نجد تغييرات كبيرة في كيفية تنظيم هذه العلاقات، مع قبول واسع للعلاقات غير الرسمية قبل الزواج. حتى في مجال العمل أو غير ذلك .

— الأدوار العائلية: 

الإسلام يحدد لكل فرد في العائلة أدوارًا ومسؤوليات محددة، حيث يدعو إلى رعاية الوالدين، وتقدير الأدوار التقليدية لكل من الرجل والمرأة. في المقابل، يميل الانفتاح الاجتماعي إلى تقليل الفروق بين الجنسين في أدوارهم الاجتماعية، ويشجع على مزيد من المساواة في تقسيم المسؤوليات بينهما.

3___ نقاط التلاقي والتباين بين الأنفتاح الأجتماعي وتعاليم الإسلام

رغم وجود اختلافات بين الانفتاح الاجتماعي وتعاليم الدين الإسلامي، هناك نقاط تلاقي يمكن أن تُشكل جسورًا للتفاهم بين الاثنين. فالإسلام لا يعارض الانفتاح بمعناه العام، ولكنه يدعو إلى الانفتاح الذي يحافظ على الأخلاق والقيم. على سبيل المثال:

— التسامح وقبول الآخر:

 الإسلام يشجع على التسامح واحترام الآخرين، سواء كانوا من داخل المجتمع أو من خارجه، وهو ما يتفق مع الانفتاح الاجتماعي الذي يدعو إلى تقبل التنوع الثقافي والفكري.

— العلم والتطور:

 الإسلام يحث على طلب العلم والانفتاح على كل ما يساهم في تقدم البشرية، وهذا يتماشى مع التوجهات الحديثة التي تدعو إلى الابتكار والانفتاح على العلوم والتكنولوجيا.

لكن في نفس الوقت، هناك بعض التباينات التي قد تثير جدلًا في كيفية تطبيق هذه القيم في زمن الانفتاح:

— الحرية الشخصية:

 بينما يشجع الانفتاح الاجتماعي على الحرية الشخصية المطلقة، بما في ذلك الخيارات المتعلقة بالملابس والعلاقات الاجتماعية، يضع الإسلام ضوابط لهذه الحريات، لضمان أن تكون متوافقة مع المبادئ الإسلامية التي تحمي الفرد والمجتمع من أي انحراف أخلاقي. ليست الحريه الشخصيه في جميع مجالات الحياه بل الرجوع إلى الوالدين أو منهم أكبر سناً .

— الاحتشام والأخلاق: 

يولي الإسلام أهمية كبيرة لقيم الاحتشام في العلاقات والمظاهر الاجتماعية، بينما قد يرى البعض أن الانفتاح الاجتماعي يميل إلى التقليل من هذه القيم لصالح الحرية الفردية والتعبير الشخصي.

4___ تأثيرات الإنفتاح الأجتماعي على المجتمعات المسلمة

المجتمعات المسلمة، مثل غيرها من المجتمعات، تتأثر بظاهرة الانفتاح الاجتماعي بشكل متزايد. تأثيرات العولمة وتوسع وسائل الإعلام الرقمية جلبت معها تغييرات في أنماط الحياة. هذا التغيير ينعكس على القيم الاجتماعية والأسرة، ويثير تساؤلات حول كيفية الحفاظ على الهوية الإسلامية مع التأقلم مع متطلبات العصر الحديث.

من بين التأثيرات الواضحة:

— الأسرة: 

أحد أهم التأثيرات هو تحول أدوار الجنسين في الأسرة. في المجتمعات الإسلامية التقليدية، كان لكل من الرجل والمرأة أدوار محددة، لكن مع الانفتاح الاجتماعي، بدأت هذه الأدوار تتغير، مما أثار تساؤلات حول كيفية التوفيق بين هذه التحولات وتعاليم الإسلام.

— الشباب: 

الشباب هم الأكثر تأثرًا بالانفتاح الاجتماعي، حيث يتعرضون لضغوط التكيف مع القيم الجديدة التي يرونها في وسائل الإعلام أو على الإنترنت. والتاثر من الشخصيات الفنية والرياضية وهذا يخلق حالة من التوتر بين محاولاتهم للتكيف مع هذه التحولات وبين الحفاظ على هويتهم الدينية.

5___ كيفية التوازن بين الانفتاح الأجتماعي وتعاليم الأسلام

في زمن الانفتاح، يُطرح تساؤل حول كيفية تحقيق التوازن بين الاستفادة من إيجابيات الانفتاح الاجتماعي، مثل التواصل مع العالم والتعلم من الثقافات الأخرى، وبين الحفاظ على الالتزام بتعاليم الإسلام. هذا التوازن يمكن تحقيقه من خلال:

— الوعي والتعليم: 

من الضروري أن يتم تثقيف الأفراد، خاصة الشباب، حول كيفية التفاعل مع الانفتاح الاجتماعي بطريقة تحترم القيم الإسلامية. المعرفة والتوجيه الديني يمكن أن يساعدا في تحقيق هذا التوازن.

  

— الانفتاح المشروط: 

الانفتاح ليس بالضرورة أن يكون مطلقًا. يمكن للمجتمعات أن تنفتح على العالم مع الحفاظ على قيمها وأخلاقها الإسلامية، وذلك من خلال وضع ضوابط محددة تضمن الالتزام بالمبادئ الدينية.

— الدور القيادي للمؤسسات الدينية:

 يجب أن تلعب المؤسسات الدينية دورًا رئيسيًا في توجيه المجتمع وتوفير النصائح حول كيفية التعامل مع التغيرات الاجتماعية في ضوء التعاليم الإسلامية. كذلك دور الأهل بالأهتمام بأولادهم والتقرب منهم أكثر بأكبر قدر مستطاع 

والأجمل من ذلك أن يكون الوالدين قدوة لاأبنائهم في حسن المعامله والكلمة الطيبة والتخلق باأخلاق النبي عليه أفضل الصلاة والسلام 

 وأخيراً .

في النهاية، يمكن القول إن زمن الانفتاح الاجتماعي يمثل تحديًا وفرصة في آن واحد. التحدي يكمن في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على القيم الإسلامية والانخراط في العالم المتغير. أما الفرصة، فتتمثل في قدرة المجتمعات المسلمة على الاستفادة من التطورات الحديثة دون التفريط في هويتها الدينية.

ماذا كان شعورك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow