قصة : أشُك في أمي

قصة شيقة حول الام

يناير 10, 2023 - 05:27
يناير 11, 2023 - 05:38
 3  182
قصة : أشُك في أمي
الام وطفلها يلعبان

آشّےـُكےـ فُےـيّے آمِےـيّے

امي جميلة. وصغيرة. وأجمل مني والفرق بين عمري وعمرها لايزيد عن سبعة عشر عاماً..ورغم ذلك فلم أرى أماً أشد منها حرصاً على التقاليد وتعاليم الدين الاسلامي. ومظاهر الشرف.. ولم أرى أقسى منها على ابنتها.. إنها تريد مني أن أبقى دائماً بجانبها وتعتبر خروجي وحدي إلى الشارع جريمة.. وتعتبر حديثي في التلفون عاراً، حتى ولو تأكدت من أني احادث صديقاتي…

أبي توفى منذ سنتين.. مات في عز شبابه.. الله يرحمه

ولم تخفف أمي من تزمتها، بعد وفاته.. بالعكس.. ازدادت تزمتاً وازدادات قسوة علي وعلى نفسها..

انها إلى الآن ترتدي السواد…. ولاتزال تزور قبر أبي صباح كل يوم جمعة ولاتخرج من البيت إلا إلى المقبره أو في زيارات لبيت جدي… ولاتزورها صديقاتها إلا عدد قليل اثنتان او ثلاث

وزيارتهن تكاد تكون قليله…..

ترفض فكرة الزواج وتعتبر من يحدثها عن الزواج كأنه يهينها

هي كانت تحب أبي جداً وكان حبها ألاول وألاخير

رغم ذلك نحن لانعيش في وسط متزمت

اننا نسكن في وسط المدينه وأنا ادرس في مدرسة خاصه وزميلاتي يعشن حياة متحرره منطلقه بكل حب وضحك ومتعة

متعٌ كثيرة تحرمني أمي منها…….

كان الطريق الوحيد أمامي حتى أعيش الحياه هو أن أخدع امي………

إنها مطمئنه إني أذهب كل يوم إلى المدرسه وأعود في سيارة المدرسة.. ولكنها لاتعلم أنني ازووغ بين الحصص مع بعض زميلاتي

نذهب إلى المحلات والمطاعم لنأكل السندوشات والايسكريم

ثم نعود إلى المدرسه دون أن يشعر بنا أحد….

إنها لاتدريـــ رغم حرصها وتشددها في مراقبتي_ إلى أي مدى استطيع أن أذهب إلى خداعها، إنها لاتدري أنْي أُحادث حبيبي كل يوم في التليفون… أحادثه وهي جالسه امامي… كل ماهنالك أني أُحادثه بالانجليزيه، وهي لاتعلم اللغه الانجليزيه، فقد تلقت تعليمها بالعربيه

كُنت ارى في نظرتها ترمق بالشك… ولكن لايهم ذلك. واااآه لو فهمت!

وكنت أحس أحياناً كأني اعذبها بحديثي في التليفون

كُنت أتلذذ بتعذيبي لها گنت أحس أنني انتقم لقسوتها عليا

كانت احيانا تصرخ بأن اكتفي بالكلام على الهاتف، وأرد في دلال كأني اغيضها پـ

حاااضر ياأمي…

كانت تسالني لماذا لانتحدث بالعربيه؟

اخبرتها كي تتقوى اللغه عندي

وفي مرة هجمت عليا لتنتزع سماعة التليفون من يدي لتسمع صوت من يتحدث معي ولم أخف لأنني متفقه معي حبيبي على أن يحتفط بأخته بجانبه

وعندما همت أمي لتنتزع من يدي سماعة التيلفون قلت له بسرعه وبالأنجليزي أعطي السماعه لأختك

وسمعت أمي صوت أخته وازداد غيظها… وتركت لي الغرقه وذهبت وهي تهمهم!

وكم من مره همت امي بنزع التلفون من البيت لكنها لاتستطيع إنهُ بمثابة جرس الخطر

ندقه في بيت جدي او بيت خالي كلما ألم بنا شيء

ألى يوم كُنت في المدرسة واحتجت ألى أن أحادث أمي في التليفون لأبلغها بأن لدينا حصة اضافيه

كانت الساعه الحادية عشر صباحاً

رد عليا أخي الصغير بأن أمي في الخارج… دُهشت لأن أمي لم نتعود أن تخرج بالتحديد في هذا الوقت

وقضيت يومي الدراسي، وعدت ألى البيت… إنتظرت أن تبادلني الحديث أين ذهبت ولكنها لم تتحدث بشيء

فسألتها ألى أين ذهبتي اليوم وأجابت في تلعثم: وكيف عرفتي؟

قلتُ في براءه اتصلت للبيت وعرفت إنك خرجتي…

قالت والدماء تتصاعد إلى وجهها، ولاتستطيع أن تواجهني بنظرتها:

أيوه أنا كنت عند زوجة أخي كانت مريضة فذهبت لزيارتها!

لم أصدق أمي… لاأدري لماذا؟

قلبي يحدثني بأنها تكذب علىّ

بعد يومين وأنا في المدرسة أتصلت للمنزل

إنها ليست في المنزل خرجت

وعدت في المساء….

لم تبلغني خبر خروجها وسكت أنا..

لم أنم ليلتها.. قضيت الليل أتقلب على جنبي.. وأتساءل أين تذهب أمي؟

هل لها عشيق تذهب إليه؟

هذه الأم المتزمته،

أحسستُ بشيء يتمزق في صدري… واحسستُ كأني سأصرخ من الألم!

تعمدت كل يوم أتصل للمنزل في نفس الموعد

أحياناً تكون خرجت وأحياناً أجدها…

حسبت الأيام التي تخرج فيها

كانت السبت، الاثنين، الاربعاء..

ودائماً في نفس الموعد

لاأدري أين تذهب؟!

ولاأسألها عن ذلك…

وفي المساء تدخل حجرتها، وتغلق الباب بالمفتاح وتبقى بالساعات…

لاأدري ماذا تفعل لعلها تبكي….

لعلها تحلم….. لعلها تكتب خطاباً غرامياً…..

ثُم شيٌ أخر…

إنها لم تعد تجلس أمامي وأنا اتحدث بالتلفيون مع حبيبي… ولم تعد تغتاظ وهي تسمعني أتحدث الانجليزيه….

أصبحت أنا من يراقبها وأجلس أمامها عندما تتحدث في الهاتف

لعلها تخدعني كما أخدعها.

لكن رغم ذلك لاتزال تردي السواد،

ولاتزال تذهب ألى قبر أبي صباح كل جمعة يالجرئتها كم تجيد الادعاء وكم تحرص على المظاهر

من يكون عشيقها؟..

يبدو أنه رجل متزوج وألاتقدم للزواج منها ولابد أنه سافل يخدع أمي

قطعت عمرها منطويه، وليس لها تجارب لتعينها على السير في هذا الطريق…

تعذبت….

كثيراً… ليس هناك أقسى من عذاب الأبنه عندما تعرف أن أمها تعشق… إنهُ عذاب الغيره…. والكرامه المجروحة.. والمثل الأعلى المحطم..

إني أذهب ألى المدرسه فيُخيل لي إن زميلاتي ينظرن إلي ويتهامسن بأن هذه البنت لدى أمها عشيق!..

قررت أن أكشف الحقيقه بنفسي…..

في يوم الاثنين خرجت من البيت، واختبئت في الحديقه، إلى أن جاءت سيارة المدرسة،

انتظرتني السياره ولم يجدني أعتقد أنني مريضه وأني لن اذهب إلى المدرسه فأنصرف.

خرجت من الحديقة واختبأت في شارع جانبي ووقفت أراقب بيتنا من بعيد… ومضت الدقائق ثقيلة ممله وأنا لاأتعب ولا أرجع عن رأيي… إلى أن كانت الساعة العاشرة والنصف، ورأيت أمي تخرج من البيت، وفي يدها كيس من الورق…

تبعتها دون تراني.. وأنا أختبئ وراء البيوت والأشجار

إلى أن وصلت إلى الشارع الرئيسي وركبت المواصلات…

تبعتها وأنا عيني عليها

نزلت أمي وأنا ورائها سارت

وأنا ورائها وقلبي يتمزق ويدق

رأيتها تدخل عماره أحسست قلبي يكاد ينخلع قلتُ نعم إنها هنا تلتقي بحبيبها هذه الأم الأثمة…..

تمالكت نفسي بسرعه ودخلت ورءاها…

دخلت أمي شقة بابها مفتوح

وعلى الباب لوحة كبيرة مكتوب عليها (المعهد العالي لتعليم جميع اللغات)

لم أفهم شيئاً…

دخلت ورائها و………… رائيتها

جالسة على أحدى مقاعد الدراسة…

   *****

رأتني أمي…. وانطلقت الدهشه في وجهها… وظلت تنظر إلي ساكنه.

وقلت لها وصوتي لايكاد يخرج من حلقي:

ماذا تفعلين هُنا ياأمي؟

قالت هامسة كأنها تتنهد:

اتعلم الانجليزيه گي أفهم ماذا تتحدثي في التليفون!!!!

إرتميت في صدرها وبكيت…

بكيت….

بكيت كثيراً وأخذتني أمي بعيداً عن بقية زميلاتها في الدراسة

وعُدنا إلى البيت ورويت لها قصتي كاملة، ووعدتها ألا أتحدث مرة ثانية إلى رجلٌ غريب

ومازالت أمي مصممه على أن تتعلم الانجليزيه!

إنها ألام المثاليه التي تفعل المستحيل لاأجل ابنائها

    أحُبك يا أمي ❤

ماذا كان شعورك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow